اختتام برنامج تعزيز الريادة المجتمعية والرقمية في مركز التعليم المستمر – فلسطين

الرئيسية . أخبار . اختتام برنامج تعزيز الريادة المجتمعية والرقمية في مركز التعليم المستمر – فلسطين

حين يتحوّل التحدي إلى فرصة، والمشكلة إلى مشروع: شباب YEPISODE يُشعلون شرارة التغيير

في مشهد يفيض بالحماس والإبداع، تحوّلت قاعات العرض في مركز التعليم المستمر إلى منصة ملهمة تُروى فيها قصص أمل وريادة. هناك، وقف المشاركون في برنامج YEPISODE “تعزيز الريادة المجتمعية والرقمية في فلسطين” ليعرضوا مشاريعهم أمام لجنة تحكيم من الخبراء والمستثمرين، ليس كأفكار على ورق، بل كمبادرات نابضة جاهزة لتشق طريقها نحو الواقع.

المسابقة التي نفذت بطريقة مستوحاة من “Shark Tank”، لم تكن مجرد نهاية لمسار تدريبي، بل لحظة تتويج لرحلة تعلُّم مكثفة امتدت لأشهر، اكتسب خلالها المشاركون مهارات مهمة في الريادة بدءاً من توليد الأفكار وصولاً إلى التوسع والاستدامة. لكن ما جعل المسابقة استثنائية هو أن كل مشروع حمل حكاية فلسطينية بامتياز، شاب رأى ضرورة تمكين الفلسطينيين من الوصول إلى فرص عمل حر مرنة وآمنة؛ وشابة حلمت بمركز يجمع بين التفريغ النفسي والترفيه؛ وفريق آخر أراد أن يجعل من إعادة التدوير أسلوب حياة بيئي وصحي ومستدام…

لجنة التحكيم، التي ضمّت نخبة من الخبراء والرياديين، لم تكن لتُخفي إعجابها بتنوع الحلول، وعمق الفهم المجتمعي لدى المشاركين. تباينت وجهات النظر، واتفقت اللجنة على أمر واحد: كل هذه المشاريع مهمة وتستحق أن تُمنح فرصة حقيقية.

وقد قُسّمت العروض إلى جلستين؛ واحدة للمشاريع البيئية، وأخرى لتلك التي تناولت التعليم، التوظيف، الثقافة، والصحة النفسية، لتبرُز منها أفكار أثارت النقاش وألهمت الحضور.

لم يكن YEPISODE مجرد تدريب. كان مختبرًا حيًا للأفكار، ومساحة آمنة للتجريب، ومتنفسًا للأحلام الكبيرة في واقع مليء بالتحديات. وكان الحضور الكريم في هذا الحدث من البيئة الحاضنة للريادة، من مؤسسات داعمة ومسرّعات وشركاء من القطاع الخاص حاضرًا بقوة، حيث لم تقتصر مشاركتهم على المشاهدة، بل قدموا فرصًا حقيقية للدعم، من نصائح وتوجيهات خلال العروض، ومساحات عمل وتدريبات واستشارات، وحتى نوايا استثمارية مستقبلية جدّية.

بعد الانتهاء من تقديم العروض، تم تخريج المشاركين ومنحهم شهادة المشاركة في البرنامج. افتُتحت هذه اللحظة المميزة بكلمة مؤثرة للدكتور أسامة الميمي، مدير مركز التعليم المستمر، رحّب فيها بالحضور الكريم، مشيدًا بدورهم في دعم الشباب وتوفير الفرص لهذا القطاع الحيوي. وأكّد في كلمته على أهمية مثل هذه البرامج في تعزيز الريادة المجتمعية في وقت يمتحن فيه الفلسطينيون قدرتهم على الإبداع والتفكير بالمجتمع، مستشهدًا بمقولة الشاعر محمود درويش: “فكّر بغيرك”.
وجّه الدكتور الميمي شكره للمشاركين، معتبرًا أن هذا اليوم ما كان ليكون بهذه الفرادة لولا حضورهم وإبداعاتهم، وأضاف: “أنتم اليوم أثبتّم أن الشباب الفلسطيني قادر على كسر كل النظريات التي تزعم أن الإبداع يموت تحت الضغط. بل العكس، في قلب الظروف الصعبة يولد الإبداع الحقيقي.”

كما وشاركت السيدة كريستيتا مديرة مشروع اتحاد الجامعات المتوسطية (UNIMED) الحضور بكلمة مصورة أثنت فيها على كل القائمين على البرنامج وكل من ساهم بإنجاحه، وهنئت المشاركين ومركز التعليم المستمر كما وعبّرت عن فخرها بهذا الإنجاز الذي تحقق رغم كل الظروف، قائلة إنها شعرت بأنها “كانت حاضرة معنا بكل جوارحها، رغم بعد المسافة”.

من جهته، عبّر السيد مهند سلعوس رئيس قسم الشمول المالي في سلطة النقد عن اعتزازه بمثل هذه العقول الفلسطينية والمشاريع المطروحة، وأكد على التزامهم بدعم الشباب الفلسطيني، مشيدًا بأفكارهم الخلاقة، ومعلنًا استعدادهم التام لاستكمال الدعم والتعاون مع مركز التعليم المستمر ومع المشاركين في مبادرات مستقبلية.

واختُتمت الكلمات الافتتاحية بكلمة ألقاها السيد نضال عويضات، ممثلًا عن مدربي وموجهي البرنامج، عبّر فيها عن امتنانه لكل من ساهم في إنجاح هذه التجربة التعليمية الملهمة. توجّه بالشكر للقائمين على البرنامج وللمشاركين الذين، كما قال، “أثبتوا أن الريادة المجتمعية ليست حلمًا بعيدًا، بل خيارًا ممكنًا ومهمًا حتى في ظل ما يمرّ به شعبنا من ظروف صعبة.”كما أكّد في كلمته أن ما شهدناه اليوم ليس نهاية، بل بداية رحلة حقيقية، مضيفًا: “عدم الفوز اليوم لا يعني الفشل، فطريق النجاح الحقيقي يُبنى من التجربة، والتعلّم، والإصرار.

خمسة مشاريع، ثلاث مراتب، والكثير من الإنجازات

خمسة مشاريع وصلت إلى المنصة الختامية، لتحصد المراتب الثلاث الأولى، لكنها لم تكن وحدها الرابحة. فالجميع خرج بتجربة غنية، بثقة أكبر، وبدعم واقعي من أعضاء اللجان والحضور الكريم.

  • الجائزة الأولى
  •  – قدمها بنك الإسكان بقيمة 2,000 دولار، وكانت من نصيب مشروع “سين”: وهو شبكة شبابية تعمل على بناء أدوات تدريبية وتعليمية ترفيهية، ضمن منهجية التعلم خلال اللعب، بما يتناسب مع البيئة والثقافة واللغة في فلسطين والدول العربية.
  • الجائزة الثانية 
  • – عبارة عن لابتوب وفرصة تدريبية مدفوعة الأجر، بدعم مشترك من سلطة النقد وشبكة المنظمات البيئية PENGON، وذهبت لمشروع “بيئي” وهي محطة مياه مصممة لتوفير مياه شرب نظيفة ومجانية في المساحات العامة، بهدف الحد من الاعتماد على العبوات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد. تحتوي المحطة على شاشة رقمية تُستخدم لعرض محتوى توعوي بيئي واجتماعي ضمن إطار المسؤولية الاجتماعية.
  • الجائزة الثالثة 
  • – منحت لثلاثة مشاريع بالتكافؤ:
  • فرصة تدريب مقدمة من PENGONمنحت لمشروع Industry Space: وهي منصة تجمع خبراء التصنيع والحلول البيئية والتحول نحو الاقتصاد الأخضر، لابتكار مستقبل أكثر استدامة وذكاء.
  •  لابتوب مقدم من سلطة النقد منح لكل من:
  • مشروع طيف: يهدف إلى تمكين الأشخاص ذوي التوحد من خلال تعليم المهارات الأساسية بطريقة مبتكرة باستخدام التكنولوجيا التفاعلية، لفتح آفاق جديدة للتعلم والنمو.
  • مشروع فصيح: يهدف إلى تعليم المكفوفين فنون العروض والشعر عبر تطبيق تعليمي ذكي يعتمد على المساعد الصوتي.

وفي ختام اليوم، لم يكن السؤال: “من فاز؟” بل:

“إلى أين سيأخذنا هؤلاء الشباب بعد ذلك؟”

لقد غادر الجميع القاعة وهم يحملون أكثر من مجرد شهادات أو جوائز؛ حملوا معهم شغفًا مشتعلاً، ورؤية متّقدة، وشعورًا بأنهم ليسوا على الهامش، بل في قلب معادلة التغيير.

كانت المسابقة شرارة، لكن النار الحقيقية تشتعل الآن في أفكارهم، في شوارعهم، في مشاريعهم القادمة.

فمن قال إن الريادة تُولد فقط في واحة من الموارد؟ ها هم شباب YEPISODE يثبتون أن الإرادة، حين تلتقي بالمعرفة، تصنع التغيير. والأجمل لم يأتِ بعد.